languageFrançais

'أم البلدان' في مهرجان الحمامات.. عرض يرقص على التاريخ ويشاكس الحاضر

وسط أجواء فنية مبهرة وركح نابض بالحياة، قدم المخرج حافظ خليفة و الكاتب عز الدين المدني مساء اليوم الأربعاء 16 جويلية 2025 مسرحيته "أم البلدان" ضمن فعاليات مهرجان الحمامات الدولي، في عرض خالف التوقعات، وذهب بعيدًا عن التصنيف البسيط كـ"مسرحية تاريخية".

فالعمل لم يكن مجرد استحضار لحقبة أبو زكريا الحفصي فقط، بل هو فرجة متكاملة جمعت بين التاريخ والراهن، بين الفصحى واللهجة التونسية، بين النص العميق والضحكة العابرة، بين الطبل والرقص والغناء، في احتفال حي بالحياة والهوية.

البداية من الطبل... والنهاية مفتوحة على الأسئلة

انطلق العرض بنغمة واحدة قوية: عازف طبل منفرد يفتتح المشهد، كأنها نبضة أولى لدولة تُبعث من جديد، تليها العبارة التي سترافق العرض كخيط رمزي "هيا يا رجال، هلمّوا لبناء تونس الجديدة!"

بهذا النداء، يدخل المتفرج إلى عالم يحتفي بروح البناء الجماعي، دون أن يغفل عن مواجهة الهدم الذي عرفته البلاد عبر الأزمان، وخاصة في العشرية الأخيرة.

عرض يُفكّر.. لكنه لا يُثقل

رغم الخلفية التاريخية، إلا أن العمل لم يسقط في الجدية الجافة، بل اعتمد لغة مزدوجة بين العربية الفصحى واللهجة التونسية، ومزج بين الأداء التمثيلي والرقصات الجماعية والغناء المباشر، مما أضفى طابعًا احتفاليًا ساخرًا في بعض اللحظات.

وبين الضحك واللوحات البصرية، لم تغب الإشارات السياسية، حيث تناول العرض قضايا الإرهاب، وذكر بعض المحطات السوداء التي مرت بها تونس. وهنا تظهر جرأة حافظ خليفة وعز الدين المدني في ربط الماضي بالحاضر دون مباشرة أو شعاراتية.

أكثر من 20 ممثل وراقص… طاقة بشرية على الخشبة

أكثر من عشرين ممثل وراقص ملأوا الخشبة بحركاتهم المتناسقة وتألقوا من بينهم عزيزة بولبيار التي جسدت شخصية نسائية قوية تُعبر عن تونس الأم، الصامدة رغم الانكسارات، وجلال الدين السعدي في دور مركب بين الضحك، الفكاهة و الجدية و الحكمة. وكان الأداء الجماعي مبنيا على التناغم والإيقاع والقدرة على التلوين بين مشهد وآخر.

غسان عيادي 

share